2.5.2 معايير الرشد المجتمعى لأسرة بنى آدم   

شملت أيات الله البينات في كتاب الله رسائل موجهه للناس كافة تقدم معاييرا للرشد المجتمعى على مستوى أسرة بنى آدم. جاءت تلك الرسائل بمفاهيم التحاكم الى القيم الانسانية والعرف المجتمعى والتبادل المعرفى لتبادل الخبرات والمصالح , وفى نفس الوقت قدمت معايير للاعتراف بحقوق الانسان وبسيادة الدول وحفظ حقوق الأقليات والعدل بين جميع الناس بدون تمييز بين أى من أهل الملل والطوائف. وشملت مفاهيم الرشد المجتمعى في القرأن  نماذج توجيهية من الله لكيفية الحوار المتحضر مع أهل الكتاب ومع غيرهم من أهل الملل الأخرى.
معايير الرشد للمجتمعات الانسانية ولأسرة بنى آدم العالمية
  1. تبادل الاعتراف بسيادة الشعوب والقبائل على أراضيها وثرواتها ومواطنيهايَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات. ومعنى “لتعارفوا” يشمل تبادل التعاون على اسس معرفية كالتالى
    •  تبادل معارف وحضارات وعلوم وثقافات وأعراف بعضكم البعض.
    • تبادلوا التعارف على احتياجات ومعطيات بعضكم البعض لتنشيط التجارة والمشاريع والأشغال بينكم
    • تبادلوا صنع المعروف والخير ومساعدة الشعوب والقبائل والدول الضعيفة والفقيرة.
  2. انبذوا دعوات التميز العنصرى والطائفة والدينى من كل الملل الدينية طبقا لما جاء فى الآية بعاليه ” إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ “. فالأكرم عند الله ليس الشخص الذى يدعى تميز نفسه أو قيمه أو دينه أو ملته , ولكنه الشخص الذى يحكم الله (وحده) على صالح ايمانه وعمله. وتلك المعلومة من الله ترسخ قاعدة المساواة بين البشر عند عتبة الدين وعدم التنافس فيه وتحصر لهم مجال التنافس في مجال العمل والعلم وفعل الخيرات. وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148) البقرة.
  3. الالتجاء الى العرف شريعة بين أهل الملل المحتلفة. وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ(199) الاعراف
  4. حق الدفاع عن النفسأُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ (39) الحج
  5. حق مساندة المستضعفين من أجل الدين وعودتهم الى ديارهم: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ (40) الحج
  6. ارادة الله النافذة فى حفظ دور العبادة لجميع الملل: وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الحج
  7. تكليف حكام الدول بعمل الخير وانفاذ شرع العرف المجتمعى ومنع المنكر الاجتماعى: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41) الحج
  8. حق الانسان فى اختيار وممارسة وترك الدين: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) البقرة
  9. عدم تقييم دين أو ايمان أحد من أى ملة ربما يكون خيرا منك عند الله: لَيسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ اللَّهِ آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (113) يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (114) أل عمران
  10. حق كل فرد وكل طائفة دينية فى ممارسة شعائر وشرائع ملتها بشرط اتباع معايير الاندماج المجتمعى لضمان الحفاظ على التماسك المجتمعى: وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (44) وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45) وَقَفَّيْنَا عَلَى آَثَارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَآَتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَلْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (47) وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة
  11. دعوة أهل الكتاب لاستباق الخيرات: وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48) المائدة
  12. معاملة المسالمين من أى ملة بالبر والعدل طالما لم يعتدوا: لا ينْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ ‏وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) ‏ الممتحنة
  13. وجوب التحالف على محاربة المعتدين على الناس سواء بسبب الدين أو بسبب الاعتداء على الأرض:‏إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9) الممتحنة.
  14. الحكم بين جميع الناس بالعدل بدون تمييز فى الدين: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58) النساء
  15. معاملة الناس بالتساوى حتى فى رد التحية بمثلها أو بأحسن منها على كل من حياك: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) النساء
  16. حق الانسان والشعوب في الحياة الكريمة التي كرم الله بها بنى أدم: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) الاسراء
  17. حق المستضعفين في الهجرة في ارض الله: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (97) النساء
  18. حق الطائفة المستضعفة على جميع المؤمنين بالله أن يتعاونوا على قتال الطائفة التي تبغى عليها وان كانت مؤمنة: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9) الحجرات
  19. نموذج تعايش الأسرة الإنسانية على التبادل المعرفى والذى دعى الى تحقيق حالة من الرشد المجتمعى العالمى عن طريق التعارف بين الشعوب والقبائل المختلفة لتبادل الخبرات والحضارات والتعامل على قدم المساواة. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) الحجرات. وبالتدبر في الأية الكريمة نجد أنها تحتوي على نداء من الله للجنس البشرى، يهديهم فيه نموذجا لاستدامة الخير والأمن للمجتمعات البشرية على مستوى القبائل ثم على مستوى الدول ثم على مستوى الاسرة الإنسانية ككل. يتكون النموذج من عدة عناصر كالتالى: أولا: تصنيف للناس، وثانيا: توصيف شرعية المجتمعات البشرية، ثالثا: هدى الله للمجتمعات بأليات (معايير) استدامة الخير والأمن من خلال تعاون المجتمعات الانسانية. كما يحتوي النموذج على مفاهيم وقيم ورؤية تجمع المجتمعات المختلفة على القاسم النافع المشترك بينهم , مع نبذ ادعاءات التميز الدينى والعنصرى الفارغة من أي سند ديني.
  20. وأما النداء في قوله تعالى “يَا أَيُّهَا النَّاسُ”، فهو يؤكد أن الرسالة في هذه الأية ليس موجهة للمسلمين فحسب وإنما الى كافة المنتمين الجنس البشرى. وهذا يستوجب مسؤلية على كل المسلمين أن يحملوا أمانه توصيل تلك الرسالة الى الناس في كل العصور وفى كل العالم. وهذا النداء يؤكد حقيقة هامة جدا حول رسالة القرأن الكريم – حقيقة غائبة عن كثير من الناس – وهي أنه رسالة خير ونفع للبشر جميعا بالرشد التعبدى والرشد المجتمعي, فمن أمن به انتفع بالرشدين , ومن لم يؤمن به انتفع بالرشد المجتمعى الذى يصلح حياة مجتمعه وحياة الاسرة الإنسانية من حوله.
  21. وأما التصنيف في قوله تعالى “إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى” فهو هدى الله في تصنيف الناس جميعا: أنهم مجرد اخوة في أسرة الأب الواحد والأم الواحدة والتي من الطبيعى أن تتساوى فيها درجة كل الأبناء. وفى هذا دعوة من الله لإصلاح فكر التميز العنصرى على أساس اللون أو العرق أو الدين والذى راح ضحيته ملايين الناس على مر العصور الناس والى يومنا هذا.
  22. وأما التوصيف ف قوله تعالى “وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ ِلتَعَارَفُوا” فهذا هدى من الله بالشرعية الالهية لمؤسسات المجتمع البشرى التي جعلها الله هكذا شعوبا وقبائل بحكمته وبإرادته. فإذا كان ذلك كذلك، فان من دواعي استدامة أمن وسلامة تلك الشعوب والقبائل أن يتبادلوا التعارف الذى يشمل الاعتراف بكيانات بعهم البعض وكذلك التسليم بسيادة كل كيان على أرضه والتسليم بحقوق كل منهم في الأمن والسلم ولتعامل والتعاون على قدم المساواة والاحترام.
  23. وإذا كانت الشعوب والقبائل من سنن الله في أرضه فيجب على المتفكر البحث عن النعم المكنونة في ذلك كنعمة الوطن التي جعلها الله الأرض الحاضنة لأفراد كل شعب و قبيلة، ونعمة المواطنة التي جعلها الله الرابط بين الفرد ووطنه وبشعبه وبقبيلته. ثم تجئ نعمة الاختلاف كل شعب وقبيلة من حيث اللغات والمعارف والثقافات والحضارات والمعروضات والاحتياجات والجغرافيات الموزعة عبر بقاع الأرض وجزر البحر، وهذ الاختلاف هو ما يصنع فرص التعارف التي تشمل عمليات التعاون والتكامل والاتصال بين تلك المجتمعات.
  24. وبناء على هذا المفهوم فلا مجال لمدع أو متطرف في الدين يريد أن يجعل الشعوب والقبائل دولة واحدة (سواء كانت إسلامية أو يهودية أو مسيحية) فهذا مخالف لسنة الله التي جعلها في أرضه ومشعل لفتن حروب وكوارث إنسانية عظيمة.
  25. والتكليف فى أمر الله “ِلتَعَارَفُوا” هو توجيه للناس جميعا بأهم مفاهيم الرشد المجتمعى وهو التعارف على مستوى اسرة بنى آدم. والتعارف اسم لنظام مستدام من عمليات تبادل الاعتراف والتعرف والمعارف بين المجتمعات. knowledge Exchange Systematic Sustained Processes

نهاية معايير حوكمة فى دين الله طبقا لآخر تعديل تم فى 24 ابريل 2019

عودة للصفحة الأولى لشرح المعايير


اكتشاف المزيد من معهد علم الرشد

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

Scroll to Top