خصائص الألوهية فى “دين الله” 

 أولا: خصائص الألوهية فى “دين الله

 ذكر الله “دين الله” ثلاث مرات فقط فى القرآن الكريم، وبين – سبحانه – فى كل مرة منها خصائص لـ “دين الله”. ففى سورة آل عمران ثلاث آيات بينت خصائص ألوهية ووحدانية “دين الله” , وفى سورة النور آيتان بينت خصائص العمل ب “دين الله” , وأخير جاءت سورة النصر لتبين نتائج العمل ب “دين الله”.

بين الله سبحانه فى الآيات 83-85 من سورة آل عمران خصائص الوهية ووحدانية دينه فقال: أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آَمَنَّا بِاللَّه وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران.

ومن تدبر الآيات بعاليه نتبين خصائص الوهية دين الله كالتالى:

أن دين الله دين إلهي منزل من عند الله. فأى دين بشرى فهو “غير” دين الله.

أن دين الله له محتوى علم الهى نزله فى جميع كتبه كالتوراة والانجيل والقرآن. فأى دين يقوم على محتوى علم بشرى فهو “غير” دين الله.

أن دين الله هو الدين الذي نسبه الله الى اسمه سبحانه. فأى دين لم ينسبه الله الى اسمه فانه “غير” دين الله. فمن اتخذ دينا منسوبا الى المسيح أو الى اليهود أو الى محمد أو الى سنة محمد أو الى شيعة فقد اتخذ دينا “غير” دين الله. فالله – سبحانه وتعالى – ليس مسيحيا ولا يهوديا ولا محمديا ولا سنيا ولا شيعيا.

أن دين الله ليس هو أى ملة دينية متبعة لأن جميع الملل – بما فيها ملة ابراهيم – تنسب الى بشر. فملة ابراهيم هى الطريقة الصحيحة لاتباع دين الله ولكنها ليست هى الدين نفسه المنزل عليه فى صحف ابراهيم. فمن كان دينه هو نفسه ملته فهو على “غير”  دين الله

أن دين الله” له صاحب هو الله وحده. فالله هو مالك يوم الدين وهو مالك الدين نفسه. وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ وَاصِبًا أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ (53) النحل. فمن جعل لدينه صاحبا أو مالكا أو الها ثانيا مع الله – أو من دون الله – ليطلب منه خلاصا أو رحمة أو شفاعة أو نعمة فهو على دين “غير“ دين الله.

ان دين الله هو الاسلام الذى اسلم به لله من فى السموات والأرض فمن اتخذ اسلاما غير الذى أسلم به لله من السموات والأرض فهو على دين “غير”  دين الله.

ان دين الله هو الاسلام الذى أسلم به لله جميع رسل الله من نوح وابراهيم الى موسى وعيسى ومحمد. فمن اتخذ اسلاما لم يسلم به لله جميع رسل وأنبياء الله فهو على دين “غير” دين الله

أن دين الله هو الاسلام لله وحده فمن أسلم نفسه لأحد مع الله أو اسلم نفسه لغير الله ولو كان موسى أو عيسى أو محمد فهو على دين “غير” دين الله، وكذلك من أسلم نفسه لأحد من أتباع الرسل أو الأحبار أو الرهبان أو الفقهاء أو العلماء أو أمراء الجماعات والأحزاب الدينية أو شيوخ المذاهب والملل الدينية.

أن دين الله قد أكمله الله بنفسه وأتم به النعمة الالهية على من اتبعه , فدين الله ليس ناقصا ولا نعمة الله به ناقصة. فمن أكمل دين الله بكلام بشر ومن قال أن كتاب الله ناقص فهو على دين “غير” دين الله: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا (3) المائدة.

أن دين االله قد أنزل بكتب مبينة ومفصله ومفسرة وليست غامضة. فمن قال أن دين الله غامض أو أن كتبه غامضة فهو على دين “غير” دين الله:

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (89) النحل

ثُمَّ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (154) الأنعام

وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) الأعراف

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا (33) الفرقان

ان أحكام دين الله قد بينها الله للناس كافة فيما أنزل من آيات الكتاب المحكمات، ولم يخص بها العلماء كما يشيع علماء الدين. فقد أمر الله بعدم التعرض للآيات المتشابهات بالتفسير لأنه طالما قد اشتبه على فهمها العقل الجمعي لأى عصر فمعنى ذلك أن تلك الآيات موجهه لأهل عصر سيأتي بعد. كما أمر الله بترك العمل بتلك الآيات وعدم الاختلاف أو الافتتان بها , بل أمر الوقوف عندها بالإقرار بالإيمان بها فقط أنها من عند الله وعدم العمل بها فى ذلك العصر: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7) آل عمران. فمن أنكر بينة الآيات المحكمات أو اتبع أو اشتغل بتفسير الآيات المتشابهات فهو على دين “غير” دين الله:

أن دين الله قد أنزل معه علما بينا فى الكتاب ليس محلا للخلاف وأن اختلاف الناس حوله ليس الا بغيا بينهم. فمن ترك علم دين الله المنزل وأخذ علم الدين من كتب الناس فقد زرع الاختلاف والبغى فى الدين هو على دين “غير” دين الله: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) آل عمران

أن الله سيسأل الناس عن علم آياته يوم القيامة. فمن ترك العلم والعمل بآيات الله ثم أخذ العلم والعمل فى الدين من غير الله فلن ينفعه للرد على سؤال الله له: وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجًا مِمَّنْ يُكَذِّبُ بِآَيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ (83) حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (84) النمل.

أن لله لن يقبل من الناس فى الآخرة دينا غير دينه أو اسلاما غير الاسلام له كما أكدت الآية بعاليه (85 آل عمران)

أن الله – سبحانه – قد قدر أجرا وأمنا وفرحا وقبولا فى الآخرة لأى مؤمن ينتمى الى أى ملة كانت ان هو عاش على المعايير الثلاث لإسلام المؤمن عند الله وهى: الايمان بالله واليوم الآخر وعمل صالحا:  إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62 البقرة). ومن تلك الآية نتبين أن

تلك المعايير الثلاث للإسلام تمثل معايير صحة ايمان وعمل المؤمن عند الله (وليس عند الناس)

Scroll to Top