تعريف اسلام الوجه لله

 سادسا: تعريف اسلام الوجه لله

اسلام الوجه لله يعنى العيش فى حالة مستدامة من تزامن اسلام ثلاثة أشياء معا لله وحده: اسلام القلب لله مع اسلام قيادة النفس لله مع اسلام وتحسين العمل لله وحده , وهذا هو أحسن الدين عند الله: 
  • وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا (125) النساء
  • وَقَالُوا لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَن كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَىٰ ۗ تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ ۗ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (111) بَلَىٰ مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112) البقرة
  • وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (22) لقمان
واسلام الوجه لله غير اسلام اللسان وهو ايضا غير اسلام القلب. فاسلام اللسان يعنى مجرد اعلان للناس بالدخول فى هوية المسلمين ولكن لا يعنى تحصيل الايمان القلب معه. كما أن اسلام القلب لله قد يعنى تحصيل الايمان ولكن لا يعنى البدأ الفعلى فى العمل الصالح الذى هو ثمرة الايمان والعبادة لله. وهنا تجئ أهمية اسلام الوجه لله لأن الوجه هو مركز متطلبات العمل الصالح الثلاث وهى: القيادة الواحدة للنفس والرؤية الواضحة للهدف والتوجه السليم لتحقيق للوصول لهذا الهدف.  فاسلام الوجه لله تعنى قيادة الانسان لنفسه بالتزام ميثاق السمع والطاعة لله نفسه , وتعنى وضوح رؤية الغايات وتوجيه حركته فى الحياة اليها بالتزام صراط الله المستقيم. وبذلك تصبح حياته وصلاته ونسكه وحياته ومماته لله وحده بدون شريك. وهذا هو معنى التوافق مع ملة ابراهيم المذكور فى الآية بعاليه 125 من سورة النساء. واسلام الوجه لله يمكن المسلم من رفع همته فى قيادته لنفسه – ورفع أفاق عقله وقلبه للتواصل المباشر مع الله لاستقبال رشده منه مباشرة فى عمل الدنيا والآخرة وليكون عبدا لله فعالا وايجابيا ومؤثرا فى دينه وفى حياته وفى حياة مجتمعه. 
واسلام الوجه لله يعنى أيضا اسلام هذا الوجه لهدى الله واستلهام العون من الله مباشرة. وبهذا التواصل الدائم بين توجه الانسان الى الله وتوجيه الله للانسان فى عمليات تسليم قيادة الوجه لله واستلام الرشد منه خلال مشوار حيانه يحيا الانسان مطمئنا بصلاح وقبول عبادته وعمله وتحقيق رؤيته والفوز فى الدنيا والآخرة.
فاذا تأرجحت قيادة النفس بين المذاهب الدينية أو عميت عليه الرؤية من الله فلابد أن يفقد الوجهه والتوجه فلا ينتج الا تخبطا وتخلفا وعملا فاسدا وان ظن انه عمل صالح. وهذا هو بالضبط حال الناس اليوم من المسلمين والمسيجيين واليهود فقد أسلموا وجوههم لعلماء الدين والمفسرين والشيوخ والأحبار من دون الله وآياته البينات فى كتبه المنزله. والنتيجه هو تبديل لدين الله الى دين المذاهب والطوائف والكفر بما أنزل الله من بينات. ومن أعراض هذا الكفر ما تراه فى تأليه الناس لرسل الله بأكاذيب – افتريت على الله وعلى الرسل – مثل أكذوبة ألوهية عيسى بن مريم وجعله ابن الله وتخليصه للمسيحيين من ذنوبهم , ومثل أكذوبة سنة وشرعة الرسول محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم وجعله شفيعا للمسلمين يمنعهم من النار ويدخلهم الجنه طبقا لكتب السنة التى ألفوها بعد الرسول بثلاثمائة عام  – والرسول منها براء – وهى كتب وأكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان ويقولون للناس هى من عند الله وما هى من عند الله ويقولون انها وحيا نزل على الرسول والوحى والرسول منها براء. شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (18) إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآَيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19) فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (20) آل عمران
ومن أعراض الكفر ما نراه اليوم من اعطاء الناس ميثاق السمع والطاعة لأمراء الجماعات ولعلماء وشيوخ المذاهب وهو من أكبر علامات الكفر المعلن بالله لأن ميثاق السمع والطاعة لا يجب أن يعطى الا لله وحده , بل أن اعلانه يعتبر من شروط الدخول فى دين الله: وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثَاقَهُ الَّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (7) المائدة. ومن أعراض ذلك الكفر أن يغلق الانسان قلبه عن تدبر آيات الله البينات فيضع صلاته ونسكه ومحياه ومماته عند اقدام ورثة شيوخ المذاهب. فهؤلاء ابتغوا “غير دين الله” المذكور فى الآيات بعاليه , وابتغوا “غير الاسلام دينا” حتى لو كانوا مسلمين فى فهمهم السقيم. وهؤلاء مشركون حتى لو كانوا مؤمنين: وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ (106) يوسف. وهؤلاء قد لعنهم الله – لأنهم كفروا بعد ايمانهم. اقرأ :
أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (83) قُلْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآَخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (86) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) آل عمران
فاسلام الوجه هذا الطريقة الوحيدة لتصحيح لتوجه دين الناس ليتوافق مع دين الله المنزل ومع طريقة ملة ابراهيم فى العمل. وهذا التصحيح يمكن أن يتم فى لحظة واحدة بمجرد أن يتوجه الانسان بوجهه الى الله مباشرة ثم يسلم قيادة وجهه ونفسه لله وحده ويترك خلفه كل شبهات الشرك التى كانت تقف فى طريق تواصله المباشر مع ربه , وذلك بنفس الكيفية التى لا يسمح فيها المصلى بأن يمر أحد من أمامه فيقطع خط تواصله مع لله. فلا تجعل بين وجهك وبين الله وليا يقربك الى الله زلفى فالله أقرب اليك منه ويجيب دعوتك اذا دعوته: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186) البقرة.  ولا تجعل بينك وبين الله مخلصا ليخلصك من ذنوبك ولكن فقط استغفر الله تجد الله غفورا رحيما وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا (110) النساء. ولا تجعل بينك وبين الله رسولا أو شفيعا ليشفع لك فالله أرحم بك منه وعند الله الشفاعة جميعا: أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) الزمر .
وتنهى الآية 20 من سورة آل عمران بأنه من أسلم بهذه الطريقة فقد اهتدى. والآيات التالية تشرح كيف هدى الله محمدا ليكون مسلما بنفس تلك الطريقة وهى طريقة الملة التى بدأها ابراهيم عليه السلام: قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (161) قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163) قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (164) الأنعام.

 

الدرس التالى: النعمة (القيمة) المضافة لدين الله

Scroll to Top