الدرس العشرين: مشكلة الزواج الثانى

الفهم الرشيد للمشكلة

تعترض النسبة العظمى من الزوجات على الزواج الثانى لأزواجهن. فما هى المفاهيم التى يجب أن يستحضرها الزوج قبل أن يفكر فى الزواج الثانى؟. أول تلك المفاهيم يجب أن يستخرجها الزوج بنفسه من الآيات التالية فى قول الله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (21) النساء؟. أولا: اسأل نفسك ايها الزوج: هل ستتزوج علي زوجتك لأنك كرهت شيئا فيها كما تقول الآية؟ إذا كانت الإجابة بنعم، فهل حاولت إصلاحه؟ فإن لم تكن قد حاولت فقد قصرت فى حق نفسك وفى حقها وظلمتها أيضا. ثانيا: ماذا عن الخير الكثير الذى قال الله أن عسى أن يجعله فيها؟ فهل عرفت ما هو ذلك الخير الكثير وما مقداره حتى تخاطر الآن بتضييعه بيديك، وهل خططت كيف ستعوضه؟ وماذا عن الزوجة الجديدة، كيف عرفت أن الله قد جعل فيها خيرا، وهل سيكون أقل أو أكثر من خير زوجتك الحالية؟. ثالثا: هل قررت الزواج الثانى كحل لمشكلة ما، ثم اخترت بعد ذلك زوجتك الجديدة بعقلانية من بين أحسن البدائل المتاحة فاخترت أفضلهن عقلا ودينا وخيرا وسمعة، أم أن المرأة التى أعجبك حسنها هى التى ألقت عليك بحبالها فسحبتك من عنقك؟. إن كان ذلك كذلك فقد سقطت عبدا لامرأة، وفقدت مروءتك ورجولتك. فهل تقبل لنفسك بتلك المهانة، وهل تقبل أن تراك زوجتك وأولادك على تلك الحالة؟. رابعا: ماذا ستعمل بزوجتك الأولى؟ هلى ستلقى بها فى الشارع كالمجنون، أم ستعدل بينهما؟ وكيف ستقدر على العدل، وقد قال الله “وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ ” أم ستتركها كالمعلقة كما حذرك الله من ذلك فى نفس الآية “فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (129)” النساء. أخيرا: إذا وجدت لنفسك إجابات مقنعة ومحترمة على الأسئلة بعاليه فأكمل تفكيرك فى الزواج الثانى، ولكن احرص على أن يكون زواجك مبنيا على أسس عقلانية ومحترمة، ولا تجعله سببا لمهانتك ولا لمهانة أهلك. وإذا شعرت أن أى من إجابات تلك الأسئلة سيفقدك عقلك وصوابك أو يقلل من احترامك لنفسك أو من احترام زوجتك الأولى وأولادك لك فلا تفعل، واحمد الله على ما أنعم الله عليك من خير كثير.

كيفية التصرف مع هذه المشكلة

أول معلومة ينبغى ان تعرفها هى إن من حقك أن تتزوج بزوجة ثانية، ولكن ليس من حقك أن تظلم نفسك ولا زوجتك الأولى ولا أولادك. لذلك فعليك بإجراء التصرفات التالية قبل أن تقدم على الزواج الثانى حتى تتجنب التهور الذى لا ينتج الا الخسران والندم. أولا: تأكد إن زواجك الثانى مبرأ من الهلس واللهث ورا الشهوات والستات الساقطة الفارغة من أى عقل أو مسؤلية حتى لا تسقط إنت واسمك وعائلتك كلها فى مستنقع السوء وخسران كل شئ. ثانيا: إذا كان زواجك بأخرى بسبب إن زوجتك الأولى مقصرة فى حقك بشكل نهائى فعليك أن تتأكد أولا إنك أنت شخصيا لست مقصرا فى حقها بشكل نهائى. ولكى لا تجعل نفسك خصما وحكما فى نفس الوقت، فقم بإجراء الإختبارات التالية حتى تعرف من نتيجة الاختبارات من منكما هو المقصر وبشكل نهائى. : الاختبار الأول: إذا كانت زوجتك لا تتزين لك ولا تتجمل ولا تتعطر، فابدأ انت بالتزين والتجمل والتعطر لها، ثم اهمس اليها بحب أنك تتمنى منها أن تفعل مثلك كل ليلة، وكرر عليها ذلك الطلب كل ليلة حتى تدرك جدية الموضوع. . فإن لم تستجب ولم تفعل ذلك بعد ثلاث طلبات مكررة منك، فقد حكمت على نفسها بالتقصير النهائى، فاذهب وتزوج بأخرى. الاختبار الثانى: إذا كانت زوجتك منعزلة عنك ولا تتحدث معك، فابدأ أنت بالتواصل معها وضمها الى حضنك كل ليلة، واصطنع أى مناسبة أو موضوع لحديث طويل معها بستغرق كل وقت حتى تشتركا معا فى أعمال كثيرة تستخرج كل طاقتها وتظهر روحها الجميلة. فمثلا كلمها عن مشاريع حياتك وكيف تفكر معك فى تطويرها، واسألها عن مشاريع حياتهأ وكيف يمكنك أن تساعدها فيها، فإذا لم يكن ليس لها عمل ولا مشاريع فربما كانت تلك هى المشكلة. فاجعل من ذلك فرصة للتفاعل الايجابى النافع بينكم، وفى نفسى الوقت فرصة لاسترجاعها من خندق عزلتها، لتنخرط فى عمل مثلك، حتى تجد نفسها وشخصيتها وتخلق اهتمامات فى حياتها الشخصية بجانب اهتماماتها العائلية. فساعدها أن يكون لها عمل ومشاريع ربما يروى ذلك جفافا فى حلقها منك. ثم افتح معها موضوعا آخر، فاسألها عن رؤيتها للمستقبل وكيف يجب أن تستعدوا سويا بخطط مختلفة لتقلباته. كلمها عن مستقبل الأولاد، واسألها ما هو المفروض أن تتعلموه سويا حتى تعلموه لأولادكم ليعرفوا كيف يكتشفوا ويطوروا مواهبهم. كلمها ماذا ستفعلون عندما يمضى بكم العمر وتكونوا شيوخا فيتسند أحدكم على الآخر عند زيارة أحفادكم لتقضوا معهم وقتا جميلا ولتحكوا لهم ولاولادكم رحلة العمر. فإذا فتحت كل تلك الموضوعات، وعرضت عليها كل تلك العروض مرارا وتكرارا، ولم تتجاوب معك تهائيا، فقد حكمت على نفسها بالتقصير النهائى معك (ما لم تكن مريضة) فتزوج بأخرى. أما إذا تجاوبت جزئيا فقد نجحت الخطة فانظر ما الذى يحيى روحها وينشط اهتماماتها فنفذه لها، وأكمل باقى الخطوات فستكون لك خير أنيس وصديق وشريك فى كل أفكارك وطموحاتك المهنية والعائلية. الاختبار الثالث: إذا كانت الزوجة منشغلة عنك بشغل البيت والأولاد فاسألها عن كيف يمكنك أن تعبر لها عن تقديرك لها على كل ما تبذله من جهد فى تربية أولادها وفى مذاكرتهم ونظافتهم وأكلهم وشربهم وفض مشاجراتهم، وما تبذله من جهد فى الطبيخ المنتظم لك وللاولاد وللضيوف، ثم وضع ورفع وغسيل صحون السفرة وكوبيات الشاى والقهوة لك وللضيوف وللأولاد، وما تبذله من جهد فى ترتيب وتنظيف العفش وكنس السجاد ومسح الشقة والحمام والمطبخ، وما تبذله فى غسيل ملابسك وملابسها وملابس الأولاد، وفرش السراير والأنتريهات والستاير، ثم نشر الغسيل وجمعه وتطبيقه وترصيصه فى الدولاب، ثم المكوة وتركيب الستاير وتغيير الملايات وفرش الأنتريه، وما تبذله من مجهود معك أنت ايها الزوج عند ذهابك لعملك، وعند عودتك، وعند نومك بالليل من حكايات ورد على اسئلتك المستفزة، ثم ضحكها على نكاتك البايخة، وزغزغتها لك حتى تستغرق فى نوم وهادئ، وهى بجوارك مفروسة مدحورة من شدة وجع ضهرها ورجليها وكل جسمها نتيجة كل هذا الكم الهائل من الشغل الدوار 24 ساعة. فإذا سألتها أنت بالفعل كيف تشكرها، وقالت إنما أجرى عند الله، فقد حكمت أنت على نفسك بإنك لم تشكرها بالفعل، وبأنك رجل ظالم لأهله. فإن كان ذلك كذلك فأنت المقصر النهائى مع زوجتك – وليست هى – فأصلح نفسك، وتب الى الله، واكتشف الكنز الذى تتضجر منه، واشكر الله على تلك النعمة التى أنت مغبون فيها. الاختبار الرابع: اختبر به نفسك: إسأل نفسك: كم تتكلف لمدة شهر واحد لو زوجتك سافرت أو طلبت أجازة شهر واحد من كل الشغل المشروح بعاليه. كم ستدفع لمربية للاعتناء بالأولاد، وكم ستدفع لعدة مدرسين لتذاكر وتعلم وتربى كل طفل فى كل مادة، وكم ستدفع لخادم ليقوم بشغل البيت والغسيل والنظافة، وكم ستدفع لطباخ ولسفرجى لضمان انتظام واستدامة طبخ وتوضيب ووضع ورفع الأكل والسفرة ثلاث مرات يوميا. وكم ستدفع لمدلك ليعملك مساج كل ليله حتى تنام هادئ البال. إذا وجدت إن مجموع ما سوف تدفعه فى الشهر يفوق ال 6 الف دولار شهريا على ارخص اسعار فى العالم، فاعلم أنك مدين بهذا المبلغ لزوجتك مضروبا فى عدد شهور حياتكم الزوجية على مدار العمر. فهل تقدم لها هدية بهذا المبلغ كل شهر؟ أم تضع مثل هذا المبلغ فى حسابها البنكى كل شهر حتى ينفعها إذا طلقتها أو تركتها كالمعلقه؟ فإذا لم تدفع لها ذلك المبلغ، ولن تدفع، فهل طلبت منها السماح والعفو عن عسرك فى سداد دينها عليك؟ وهل ترى إنك تستطيع أن توفيها حقها وأجرها طول عمرك؟ إذا كنت لم ولن تفعل أى من ذلك فاعلم أنك أنت المقصر النهائى فى حقها وليست هى. فصلى لربك واطلب منه أن يصلح شأنك، وأن يبارك لك فى زوجتك الجوهرة، وأن يجزيها عنك خيرا، واطلب منه العون أن يقدرك على سداد جزأ من ديونها عليك، وعلى أولادك، وعلى والديك إذا كانت قد شاركت فى خدمتهما معك.

كيفية التواصل مع الزوج حول المشكلة

إذا كنت قد استوعبت المفاهيم والتصرفات المشروحة بعاليه قبل اقدامك على الزواج الثانى ومع ذلك قد تزوجت، فهذا يعنى أن لديك سببا وجيها للزواج الثانى، وإنك تزوجت بعقلانية ولم تكن مجرورا خلف شهواتك وسقطاتك. إن كان ذلك صحيحا فارسل بتلك الرسالة لزوجتك الأولى. وإذا لم يكن كذك فلا ترسلها لأنها لن تقرأها، أو لن تجد لها معنى. نص الرسالة: أيها الزوجة المحترمة: يحرص زوجك المخلص على تأكيد استدامة الحب والود والسعادة بينكما طوال العمر، وهو إذ يمر بظروف خاصة تدفعه دفعا لزواج ثان دون وجود أى شبهة تقصير لا سمح الله من جانبك. فهو يطمع فى كرمكى وجودكى أن تأذنى له فى ذلك، دون أن تحملى عليه أى ضغينة أو جفاء أو ملامة. فهو يعترف لكى بكل الفضل الذى أنعمتى به عليه وعلى أولاده بعد فضل الله. وكذلك يريد أن يعترف أن عطاءاتك وأفضالك تلك لن يجزيها حقها الا الله، ولو ظل طول العمر ذاكرا شاكرا ومقدرا كل عطاءاتك وأفضالك ولتى كنتى – وستظلين – تتكرمين بها عليه وعلى أولاده، وعلى جميع أفراد عائلته. ويؤكد لكى زوجك المخلص أن زواجه الثانى هذا إنما هو حادث عابر – فى حياتكما – ليس له أدنى تأثير على مقامكى العالى عنده، وليس له أى تأثير على استمرار حياتكما الزوجية الجميلة كما هى بدون أى تغيير، ولن يؤثر على واجباته نحوكى كحبيبة وزوجة ورفيقة عمر. وأنه سيكون – كما كان دائما – رهن إشارتكى فى أى لحظة. وأخيرا فهو يدعو لكى الله بدوام العافية، وبدوام فضلكى وعطائكى وبحياة تملؤها السعادة والرضا.

Scroll to Top