نص حوار مع المهندس / عبدالحليم محمود منشور فى جريدة الحياة الدولية والسعودية بتاريخ 28 يوليو 2011 على هامش المؤتمر الاسلامى العالمى  “العالم الاسلامى المشكلات والحلول” الذى عقد برعاية خادم الحرمين الشرفيين الملك عبدالله بن عبدالعزيز فى الفترة من 22-24 شهبان 1432 فى مكة المكرمة

استراتيجية الأمة المسلمة 2011

المحرر: نرجو فى البداية أن تشرح لنا العلاقة بين تخصصك الذى تقدم نفسك به وهو “تقييم الأداء المؤسسى” وموضوع المؤتمر المتعلق بمشكلات العالم الاسلامى وحلولها

المهندس / عبدالحليم محمود: تقييم الأداء المؤسسى هو علم من علوم الادارة الحديثة المستخدمة فى العالم المتقدم ويختص بتقييم أداء المؤسسات الحكومية (وفى حالتنا هذه فنحن نقيم المؤسسات الدولية المعنية بادارة العالم الاسلامى) ويقيس قدرة نلك المؤسسات على تحقيق مستوى عالمى من التميز فى الأداء طبقا للمعاييرال 6 التالية:

  • تقييم قيادة العالم الاسلامى
  • تقييم استراتيجية العالم الاسلامى
  • تقييم التركيز على الفرد
  • تقييم ادارة الانتاج والمخزون المعرفى للعالم الاسلامى
  • تقييم العمليات التنفيذية لادارة العالم الاسلامى
  • تقييم الكيانات المؤسسية المناط بها تنفيذ الاستراتيجية وتنفيذ حلول المششكلات

وأما علاقة  ذلك بمشكلات وحلول العالم الاسلامى فهو أن تلك المعايير ال 6 بالضبط هى التى يفتقدها العالم الاسلامى ليكون قادرا على حل مشكلاته. فالمعضله اذا فى العالم الاسلامى ليس فى تشخيص المشكلات واقتراح حلولها فكلاهما معروف للعامة ولكن المعضلة الحقيقية فى العالم الاسلامى تقع فى غياب الاجابة عن ال 3 الاسئلة التالية والتى تمثل فقط 3/6 من المعايير المذكورة بعاليه:

  1. أين هى قيادة العالم الاسلامى التى يمكن أن تتحمل مسؤلياته وتتولى حلول مشكلاته؟
  2. أين هى الكيانات المؤسسية التنفيذية التى سيناط بها تنفيذ استراتيجيات وادارة أزمات العالم الاسلامى
  3. أين هى استراتيجية العالم الاسلامى لتنفيذ تلك الحلول؟

وقد اجتهدت فى ايجاد اجابة على تلك الأسئلة بعد اجراء عملية التقييم على ال 6 معايير المشار اليها  قبلا,  فعند تقييم قيادة العالم الاسلامى تكتشف عدم وجود قيادة أصلا للعالم الاسلامى كقيادة تجمع الأمة المسلمة على امتداد الدول المسلمة والأقليات المسلمة فى العالم وذلك بالرغم من وجود قيادات لكل دولة من الدول المسلمة على حدة  العالم ولكل أقلية اسلامية على حدة سواء فى الغرب والشرق . والمطلوب هو اجتماع رؤساء وملوك الدول المسلمة مع زعماء الاقليات المسلمة فى العالم لتشكيل مجلس أعلى لادارة للعالم الاسلامى تماما كما يجتمع مجلس قمة الاتحاد الأوروبى دوريا وكلما جد جديد يؤثر فى أو يهدد كيان الاتحاد الاوروبى.

وعند تقييم الكيانات المؤسسية فى العالم الاسلامى فتجد بالفعل هناك كيانات مؤسسية الا أنه حددت لها أدوار مهشه أو منعدمة التأثير فى المواجهة الحقيقية لمشكلات وتحديات العالم الاسلامى وبالتالى فالمطلوب اعادة هيكلة لتلك المؤسسات لتكلف بهام أكثر جدية من مجرد تنظيم المؤتمرات والقاء الخطابات والتنديد والمناشدة, عيب على قادة العالم الاسلامى.

وعند تقييم استراتيجية العالم الاسلامى أو استراتيجية الأمة المسلمة فأستطيع أن أزعم أنها المكون الوحيد الغائب بالكلية فى العالم الاسلامى فلا يوجد شئ فى العالم الأن يسمى “استراتيجية العالم الاسلامى” أو “استراتيجية الأمة المسلمة” . فلم تولد قط حتى هذه اللحظة استراتيجية للعالم الاسلامى وهذا أمر فى غاية الغرابة ويدلل على تفريط خطير فى المسؤلية الجماعية التاريخية الملقاه على قيادات الدول  المسلمة فى العالم وعلى زعماء الاقليات فى العالم الاسلامى والتى تصل أهميتها الى درجة فرض عين عليهم مجتمعين. 

المحرر: هل لك أن تعرفنا المقصود باستراتيجية الأمة المسلمة ؟

المهندس / عبدالحليم محمود:  استراتيجية الأمة المسلمة من المفترض أن تصيغ رؤية مستقبلية للأمة المسلمة كأمة قوية اقتصاديا وسياسيا وعلميا وعسكريا ولها دور مؤثر ومسموع فى صياغة سياسات و قرارات العالم السياسية والاقتصادية والعسكرية وتصيغ دورها المتوازن االسياسى والحضارى والدفاعى المحترم بين الأمم وتحدد قيمها الانسانية والدينية والأخلاقية والتى لايختلف عليها مسلم ولا غير مسلم

والاستراتيجية تحدد شخصية الأمة المسلمة بأنها أمة كل الدول المسلمة وكل الأقليات المسلمة بدون ترهات التفرق المذهبي المصطنع بين الشيعة والسنة وبين الصوفيين والسلفيين وبين العرب والفرس وبين العجم و الأكراد فكل أولئك يحملون هوية الانتماء الى الأمة المسلمة. 

كما تحدد الاستراتيجية شخصية المنتمين الي هوية الأمة المسلمة الواحدة مهما تعددت انتماءاتهم الوطنية فى الدول المسلمة وغير المسلمة ومهما تعددت فيهم الثقافات والأجناس الألوان فهى أمة لاتحدها حدود جغرافية ولاقومية ولاعنصرية ولاتميز بين المنتمين اليها مهما اختلفت هويتهم الوطنية أو السياسية أو الفكرية أو المذهبية وانما يجمعهم رابط واحد فقط هو شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وماختلفوا فيه من بعد ذلك فلا يخرجهم من هوية الانتماء الى الأمة المسلمة طالما تمسكوا بشهادة التوحيد وطالما جمعتهم الكعبة كقبلة واحدة وجمعهم قرأن واحد ورمضان واحد وحج واحد فهى أمة واحدة تمتد بطول الكرة الأرضية وعرضها.

والاستراتيجية تضع أهدافا على مستوى الأمة للنهوض باقتصاديتها وبأدائها العلمى والتعليمي والصحى كما تضع الاستراتيجية سياسات ملزمة على جميع الدول المسلمة لحماية بعضها البعض سياسيا وعسكريا واقتصاديا فلايجرؤ معاد للاسلام أن يعتدى على دول الاسلام دولة دولة ولا أن يفرض مقاطعة اقتصادية على دولة مسلمة

والاستراتيجية تحدد خطط العمل التنفيذية لتحقيق الأهداف المذكورة بعاليه وتضع برامج تنفيذية لتطوير شعوب العالم الاسلامى وحماية أمن دوله وشعوبه وأقلياته.

وأيضا تحدد الاستراتيجية الية القيادة والادارة للعالم الاسلامى وتحدد انشاء الكيانات المؤسسية التنفيذية لادارة تكامل الاستراتيجيات التنموية والسياسية والعسكرية بين الدول المسلمة وتوزيع أدوارها كل حسب امكاناته.

المحرر : قد يسال سائل ولم استراتيجية للعالم الاسلامى؟ وكل دولة مسلمة لها استراتيجيتها وكله تمام والحمد لله

المهندس / عبدالحليم محمود: اننى أتفق مع هذا التساؤل لو كان كله تمام كما تقول ولكن انظر الى واقع الدول المسلمة تكاد تكون غالبيتها فى حالة احتلال أو اعتداء أو مضيف لقواعد عسكرية عدوة للاسلام أو تحت حصار عسكرى حول حدوده أو تحت حصار اقتصادى, لايكاد يكون هناك دولة مسلمة قد سلمت من ذلك وان سلمت فهى ليست فى منأى من ذلك التهديد عاجلا أو أجلا. وقد تسأل لما ؟

الاجابة بسيطة لأن دول العالم الاسلامى تعد من أغني دول العالم فى الثروة والبترول ولكنها من أضعف دول العالم عسكريا وبالتالى فهى مغنما سهلا وشهيا لكل الذئاب وقد سهلت هى المهمة للذئاب فوكلتهم لحمايته عسكريا. وبالتالى فليس لدي العالم الاسلامى استراتيجية سياسية ولاعسكرية يواجه بها الحرب المعلنه ضده منذ مجئ جورج بوش الابن أوائل هذا القرن والمستمرة حتى الأن وان كان أوباما يحاول وقف عجلتها الا أن الة الحرب الأمريكية الأوروبية أقوى منه بكثير فهى تدار بقوى مؤسسية من أصحاب المصالح من صناع وتجار السلاح وتجار البترول وأجهزة الموساد والسى أى ايه وعصابات المافيا التى تؤجرها المخابرات الأمريكية لقتل المدنيين فى العراق وأفغانستان وباكستان كل أولئك ممثلون فى الكونجرس بأغلبية من الجمهوريين والديموقراطيين الذين وقفوا وصفقوا لنتنياهو فى الكونجرس أكثر من 10 مرات منذ عدة أيام وهو يعلن بكل فخر مواقفه الاجرامية ضد للعرب والمسلمين ويؤكد على استمرار احتلال القدس والأراضى المحتله. فالعداء للاسلام ليس نابعا من شخص أوباما وليس نابعا من الشعب الأمريكى فكلاهما برئ على الأغلب وانما هى ألات الحرب المؤسسية الصهيونية والمافيا وتجار السلاح وتجار البترول والمخابرات الاسرائيلية والأمريكة وقادة البنتاجون فكل أولئك ينتفعون من الحرب الدائرة على العالم الاسلامى واليك عينة المصالح:-

  • حرب دينية على الدول المسلمة لاضعافها اقتصاديا وثقافيا وحضاريا لمصلحة الصهيونية واسرائيل والمسيحيين اليهود أو مايسمى باليمين المتطرف أولئك الذين يحرقون المصاحف فى أمريكا ويعتدون على سيرة الرسول (صلى الله عليه وسلم) فى أوروبا
  • حرب لنهب البترول كما يحدث فى العراق ولضمان سيطرة الغرب العسكرية على منابع البترول فى الدول المسلمة وابقائها تحت السيطرة بالقواعد العسكرية فى أراضيها أو على بعد مرمى الحجر من أراضيها
  • حرب عسكرية لاشلال القوة العسكرية المسلمة لضمان التفوق الاسرائيلى على كل الدول المسلمة مجتمعة ,وأيضا لاستغلال مواقع الدول المسلمة الممتدة من الشرق الأوسط الى الشرق الأدنى لاحكام الحصار على روسيا ولملامسة حدود الصين وكلاهما قد أعلن عقيدته العسكرية وأعلنوا فيها أن عدوهم العسكرى هو حلف الناتو
  • تأجيج الحروب والتهديدات بين الدول المسلمة كما حدث بين العراق والكويت ويحدث الأن بين العرب وايران حتى يسغيثوا جميعا بالصديق الأمريكى وتشغيل مصانع السلاح الأمريكية ولاعجب أن الفاتورة الحالية لمشتريات السلاح العربى من أمريكا اليوم تعدت ال 100 مليار دولار لمصلحة الحرب المحتملة بين ايران المسلمة والعرب المسلمين ويضاف ذلك للفواتير القديمة التى بدأت منذ غزو العراق للكويت فى القرن الماضى

المحرر: اذا ماهو الدور المتوقع للأمة المسلمة فى ظل الواقع العالمى الذى نعيش فيه الأن

 المهندس / عبدالحليم محمود: قبل الاجابة على هذا السؤال ينبغى على قادة الدول والأقليات المسلمة اعلان شخصية الأمة المسلمة كهوية دينية وككيان سياسي يدافع عن حقوق كل من ينتمى الى الاسلام سواء دول أو أقليات أو أفراد. هذا الاعلان مثابة انشاء لكيان الأمة الواحدة التى تجمع تحت ظلها كل من شهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله ولا يسأل بعدها عن أى تصنيف أخر يفرق المسلمين كسؤال الانتماء الى المذاهب السنى والشيعى مثلا. وعندما يتم اعلان وجود تلك الأمة  ككيان عالمى يربطه قادته بمجلس قادة يتحمل مسؤليته فى تطوير الأمة والدفاع عن مكوناتها, هنالك فقط يصبح للأمة المسلمة دور وصوت مسموع فى الواقع السياسى والعسكرى العالمى بل أيضا ستجد قيمة مضافة من الأمة المسلمة فى الواقع الاقتصادى والحضارى الانسانى.

المحرر: اذا سلمنا بصحة تحليلك الاستراتيجيى للوضع الحالى فما هى خطتك الاستراتيجية التنفيذية للأمة المسلمة؟

  1. صدور اعلان بمايسمى بشخصية “الأمة المسلمة”, يصدر من تجمع رؤساء وملوك الدول المسلمة مع رؤساء جميع الأقليات الاسلامية فى العالم وزعماء جميع المنظمات والجماعات الاسلامية فى العالم للاعلان عن وجود والاعتراف بالأمة المسلمة فى واقع وخريطة العالم الحالى والتى ينتمى اليها كل جماعة ودولة مسلمة وفرد مسلم فى العالم أجمع بدون أى تعارض مع هويته الوطنية التى يحملها أيا كانت
  2. تشكيل مجلس رؤساء للقيادة الجماعية للأمة من تجمع رؤساء وملوك الدول المسلمة مع رؤساء جميع الأقليات الاسلامية فى العالم يتولى الأتى:
    • النظر والقرار فى التحديات التى تواجه الأمة من الخارج ومن الداخل
    • وضع وتنفيذ استراتيجيات تنموية وتكاملية بين دول وشعوب الأمة
    • وضع استراتيجيات سياسية وعسكرية للسلام والحرب لحماية أمن الدول المسلمة وكذلك أمن وحريات الأقليات المسلمة فى بقاع العالم
    • وضع خطط تنفيذية لمواجهة حكام الدول المسلمة التى ترتكب جرائم حرب على شعوبها ومثال ذلك معمر القذافى فى ليبيا وأى زعيم أو رئيس يخرج على الشرعية الدولية كصدام حسين مثلا وبالتالى تنأى الأمة المسلمة عن الاستعانة بقوات الناتو لاصلاح خلل فى دول مسلمة مما ينتج عنه أثار أكثر خللا وتدمير لكيانات ومعنويات اسلامية
    • وضع خطط تنفيذية لمساندة الحكام الذين تتعرض دولهم لتدخلات أجنبية أو مؤامرات طائفية لتفكيك وحدة البلاد
  3. تشكيل مجلس عالمى لنواب الأمة يتكون من ممثلى شعوب الأمة ليقر ويعدل ويعتمد قرارات واستراتيجيات مجلس الرؤساء
  4. اشاعة وضوح معايير اختيار القيادة ودورها فى الدول والاقليات المسلمة. تعلم المسلمون أصول الانقياد فى الأمة المسلمة حيث ينقادون تلقائيا فى المسجد خلف أعلمهم قرأنا ومع ذلك فمبدأ التصحيح للقائد معمول به حتى أثناء الصلاة وكذلك رفض تبعية القائد اذا هو أمر بمعصية. ومعنى ذلك أن هذا الكيان العالمى للأمة المسلمة يتمتع بقيادات موجودة بالفعل على كل المستويات بدأ من مستوى المساجد الى مستوى الاقليات المسلمة وحتى مستوى الدول وبالتالى فأن نظام اختيار القيادة فى الاسلام نظام واضح ومحكم وهو قائم على الافضلية للأعلم والأصلح على أى مستوى وأيضا محكم فى أصول اتباع القائد أو مراجعة فعله ان أخطأ أو الخروج عليه ان أمر بمعصية واذا كانت القيادة فى حكم الجماعات أو الدول فالافضلية للأقوى فى الجسم والعلم كما علمنا القرأن أسباب أفضلية الجسم والعلم ليكون طالوت ملكا ومعناه أن الحاكم المسلم ممكن أن يكون ملكا أو رئيسا انما الأهم أن يكون قويا وعالما بالقيادة ولتنتهى الصراعات بين الملكيين والجمهوريين. أما مهام الحاكم فقد علمنا الله اياها فى المهام التى أنجزها ذو القرنين فى سورة الكهف وهى اتباع الأسباب فى كل ما مكنا الله فيه واقامة العدل ونشر السلام وفرض النظام وتشييد البنى التحتية ونقل العلوم ولم تتحدث قصة ذو القرنين الحاكم عن أى صفات أو مهام دينية له فى اشارة الى أن مهام الحاكم هى مهام مدنية لاصلاح دنيا الناس وأما الدين فهو علاقة بين المرء وربه لا يعلمها ولا يقيمها الا الله سبحانه و لاسلطان للحاكم عليها ولا ينبغى له عملا بمبدأ لا اكراه فى الدين وقوله. ويأتى اصلاح أحوال الأمة فى معضلة الصراع على قيادة حكم للدول والجماعات بممارسة الدور الرقابى والاستشارى والتدخل السياسى والعسكرى – اذا لزم الأمر- من قبل “مجلس رؤساء للأمة” لضمان تنفيذ الأتى
  • تمكين الشعوب والجماعات المسلمة من تطبيق تلك الافضليات عند اختيار قادتهم وعند الخروج عليهم اذا ضلوا وأمروا بمعصية أو ارتكبوا جرائم حرب
  • مراقبة وارشاد قادة الدول والجماعات من التركيز على مهامهم فى اصلاح معيشة المسلمين المذكورة فى سورة الكهف وهى اتباع الأسباب فى كل ما مكنا الله فيه واقامة العدل ونشر السلام وفرض النظام وتشييد البنى التحتية ونقل العلوم
  • مراقبة وارشاد قادة الدول والجماعات فى نبذ سياسة زرع الفتن والخلافات المذهبية أو تدخلهم بين العبد وربه فى تقييم دين الناس أوتدينهم أو التعسف فى تطبيق الشرئع الاسلامية بدون تأهل الواقع للأحكام كما علمنا سيدنا عمر من تأجيل تطبيق حكم السرقة فى عام القحط, أو تطبيقها على غير المسلمين بالمخالفة لنصوص القرأن كما حدث فى السودان أو فى توظيف الدين لمصلحة أحزاب أو سياسات
  • وقف الحروب الأهلية الدائرة فى دول مسلمة افريقية وأسيوية بين الجماعات الاسلامية وجماعات حكومية بدعوى  تزعم بعص القادة للحاكمية ومعية الحق وحدهم وتكفير بقية الناس والزام كل الأطراف باتباع منهج الاسلام المشروح بعاليه فى تعيين القادة ومحاسبتهم ومدنيتهم
  1. وحدة التوجه فى تنفيذ استراتيجيات العمل كما هى وحدة توجه الامة بالقلب والوجه والجسم من أى مكان فى العالم نحو القبلة, ومن أهم شروط نجاح الاستراتيجية هو اجتماع كل الأمة على تبنيها :-
    • اخوة أفراد وجماعات الأمة المسلمة “انما المؤمنون أخوة”
    • اصطفاف افراد الأمة المسلمة جنبا الى كنب اذ يصلون فى صفوف كل يوم خمس مرات

واذا كان الله سبحانه وتعالى قد جعل من العبادات الدينية ما خص به أمتنا المسلمة من تلك القيم والخصائص الخمس فان نفس تلك القيم والخصائص تمثل المؤهلات المطلوبة لتنصلح بها أحوال الأمم الدنيا أيضا وليس فى العبادات فقط وانما يسرها الله لنا فى العبادات حتى نتعلم منها فى اصلاح الدنيا ونتقلد بها زمام الريادة فى تطوير حياة الانسان على الأرض وتحقيق الرخاء التنموى والتقدم فى الصناعة والزراعة والبناء والتعمير والاقتصاد والسياسة والدفاع والتعليم والصحة.

واذا كانت الأمة المسلمة تتمتع بتلك الخصائص العظيمة المؤهلة للريادة واذا كانت القيادات موجودة بالفعل لكل جماعة و لكل دولة مسلمة فان تلك الأمة لاينقصها الا شيئا واحدا ألا وهو خطة عمل على مستوى الأمة أو مايسمى بال “استراتيجية” للأمة والتى هى “الاعداد” بلغة القرأن من قوله تعالى “واعدوا لهم ماستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وأخرين من دونهم لاتعلمونهم الله يعلمهم”  وهذه الأية العظيمة من كلام الله ترشد الأمة المسلمة الى الاعداد أى التخطيط والتكامل والتعبئة لكل موارد القوة الاقتصادية والصناعية والبشرية بأقصى الطاقات الممكنة (ماستطعتم من قوة)  لتشكيل كل مظاهر القوة بالاضافة الى القوة العسكرية “ومن رباط الخيل” وجعل لذلك هدفا مطلوب تحقيقه وهو ليس القتال أو الحرب وانما احلال السلام الذى سيتأتى من مجرد رهبة العدو وعيونه من قوة وسلاح المسلمين فاذا خافوا لم يجرؤا على الاعتداء علينا بل سيطلبون السلام القائم على الاحترام والرهبة من قوة الردع الاسلامية. واذا أمن المسلمين من اعتداء العدو فلن يكن هناك حربا لأن المسلمين لا يعتدون. وهذه الأية العظيمة تعد مرجعا لعلم التخطيط الاستراتيجى الحديث الذى يبحث عن توظيف وتكامل كل الموارد المتاحة لللأمة (وأعدوا لهم ماستطعتم)  لبناء قوى تنافسية فى كل المجالات الاقتصادية والعلمية والصحية والسياسية والعسكرية (من قوة ومن رباط الخيل) تكون على قدر أعلى  تفوقا من قدرة الأعداء والمنافسين لتحقيق أهدافا دنيوية مكتوبة سلفا (ترهبون به عدو الله وعدوكم) فاذا تم تحققيها يعم الرخاء والسلام فى الدنيا ليس على المسلمين فقط بل على البشر أجمعين بشمول السلم لنا ولهم.

ومن هنا جاءت ورقة البحث هذه لدعوة مفكرى وعلماء وقادة الأمة المسلمة الى صياغة وتبنى استراتيجية عمل على مستوى الأمة يتم فيها توظيف ماسبق ذكره من خصائص قوة للأمة ويقوم القادة من خلالها من تعبئة أقصى موارد وطاقات ممكنة تحت أيديهم وتوزيع أدوارهم التنفيذية فى تلك الخطط الاستراتيجية لاصلاح أحوال الأمة الدنيوية وبناء قدراتها التنافسية فى كل المجالات وليقوم على تنفيذها كل دول وجماعات وأئمة المسلمين وأفرادهم كل على الثغر الذى يقف عليه.

وضرب الله مثلا للحاكم الصالح “ذو القرنين” الذى أتاه الله من كل شئ سببا فاتبع سببا ومعنى اتباعه للاسباب هو نفسه الاعداد المذكور فى الاية السابقة لتوظيف وتكامل تلك الموارد التى سخرها له الله لتنفيذ أهدافه فى الأرض والتى انجزت خلال رحلاته حول الأرض من اقامة العدل ونشر السلام وبناء السدود لاصلاح الأحوال الدنيوية للناس.

وينبغى توجيه ثقافة عموم المسلمين وأئمتهم وقادتهم فى كل العالم الى الأخذ بالاسباب وأولها عملية التخطيط الاستراتيجى ووضع أهدافا دنيوية وأولاهما بناء القوة العسكرية والكفاية الاقتصادية اللازمين لتحقيق استقلال وكرامة الأمة ونشر السلام واقامة العدل كل ذلك هو من أعمال الدنيا ولكنه أيضا من العمل الصالح التى يتقرب به المسلم الى الله.

Visits: 1584
Scroll to Top